قصة دخول الملك عبدالعزيز مدينة القصيم

قصة دخول عنيزة في حكم الملك عبد العزيز- 1322هـ/1904م



قصة دخول " عنيزة " في حكم الملك عبدالعزيز البعض منكم لايعرف قصة الملك عبدالعزيز رحمه الله -وبعض ممن أبدوا رغبة في معرفة مرحلة مهمة من ماضي عنيزة وتاريخها القريب، وذلك بالسؤال عن: كيفية دخول عنيزة في حكم الملك عبد العزيز.

يقول هؤلاء الإخوة إن الروايات الشفهية في هذا الموضوع غامضة نوعاً ما أو يصعب الحصول عليها بوضوح من كبارالسن، وأن شريحة كبرى من الجيل الجديد لا يعرفون هذه المعلومات، وإن عرفوا شيئاً فإن ما يعرفونه متناثر وغيرمترابط الأحداث.
وقد وعدت هؤلاء الإخوة بالكتابة في هذا الموضوع باختصار، ووجدت الحديث عن " المليدا " وظروفها وخلفياتها التي سبق لي تناولها في حلقات سابقة مناسبة للإنطلاق في هذا المجال حيث أن بين " المليدا " ودخول عنيزة في حكم الملك عبد العزيزثلاثة عشرعاماً ونصف فقط. وهذا في نظري يحقق الهدف وهو إعطاء فكرة عن الموضوع وكذلك يوضح تسلسل الأحداث وربطها ببعض.

قلنا إن هزيمة المليدا كانت كارثة لكل من أهل القصيم والدولة السعودية الثانية التي كانت ضعيفة جداً في ذلك الوقت، وقلنا إن هذه الدولة انتهت بعد أشهر فقط في عام 1309هـ/1891م. وقد أحكم/ محمد العبد الله بن رشيد/ بعد المليدا السيطرة على منطقة نجد كلها من الشمال إلى الجنوب ومن حدود منطقة الأحساء شرقاً إلى أطراف الحجاز غرباً بدون استثناء.
بالنسبة لعنيزة – موضوع الحديث- جعل ابن رشيد بعد المليدا عليها أميراً من آل اليحي/ عبد الله اليحي الصالح/ وبعد أن توفي عبد الله عام 1312هـ /1894م تولى أخوه / صالح اليحي / إمارة عنيزة حتى إنتهاء حكم ابن رشيد ودخولها في حكم الملك عبد العزيز.
/ محمد العبد الله بن رشيد/ حاكم نجد كلها توفي عام 11315هـ/ 1897م ، وخلفه ابن أخيه / عبد العزيز بن متعب بن رشيد/ على إمارة نجد الذي زاد من قبضته الحديدية على جميع المناطق.

معروف أن الملك عبد العزيز بدأ في استرداد حكم آبائه في نجد عام 1319هـ /1902م وهي بداية الدولة السعودية الثالثة. وبعد أن نجح في السيطرة على الرياض وعمل تأمين منطقتها والجهات الجنوبية وتغلب على كل محاولات ابن رشيد للقضاء على حركته في مهدها، بعد ذلك اتجه شمالاً إلى القصيم.

في القصيم كان هناك تواجد قوي لابن رشيد حيث كان أيضاُ قد استعان بالدولة العثمانية التي أمدته بأعداد من عساكرالحاميات العثمانية.
كان الملك عبد العزيز يدرك أنه لكي يحمي المناطق التي سيطرعليها ويزيد من نفوذه لا بد من مواجهة بينه وبين ابن رشيد في القصيم باعتبار القصيم منطقة فاصلة بين مركزحكم كل منهما( الرياض وحائل). القصيم بما لها من موقع استراتيجي وما فيها من ثروات زراعية وتجارة نشطة وكثافة سكانية – مقارنة بغيرها- لذا كان مهماً جداً إدخالها ضمن الدولة السعودية الجديدة.

يقال بأن ابن رشيد كان قاسياً في حكمه على أهل القصيم خاصة وبالذات بعد أن تولى / عبد العزيز بن متعب / الذي لم يعمل على كسب قلوب الناس، ويقال بأن الناس كانوا ينتظرون الخلاص من حكمه بأي وسيلة. كان الملك عبد العزيز يدرك كل هذا منذ أن كان في الكويت كما أن أهل عنيزة الموجودين في الكويت وخاصة أمراؤها السابقون / آل سليم/ وكذلك أمراء بريدة السابقون / آل مهنا/ كانوا كلهم يتابعون الأخبارعن الأوضاع في عنيزة وبريدة، ويتطلعون للفرصة المناسبة التي تمكنهم من العودة إلى بلدانهم واسترداد حكمهم فيها.

بالمناسبة لقد جربوا محاولة سابقة قادها الشيخ / مبارك بن صباح / أمير الكويت، قبل دخول الملك عبد العزيزالرياض بسنة، وكان الشيخ مبارك أيضاً عدواً لعبد العزيز بن رشيد، فاتجه إلى القصيم في عام 1318هـ/ 1900م/ وكان مع الشيخ مبارك جيش من أهل الكويت وآل سعود وأهل القصيم المقيمين في الكويت من السليم والمهنا وغيرهم وحصلت بينهم وبين ابن رشيد معركة " الصريف " المشهورة شمال شرقي القصيم. تمكن ابن رشيد من هزيمة هذا الجيش وتشتيت شمله وقتل منهم ومن أهل الكويت أناس كثيرون، وبذلك فشلت المحاولة الأولى.
بعد ذلك حينما أراد الملك عبد العزيز بعد سنتين من دخول الرياض الإتجاه إلى القصيم حرص على أن يشاركه في ذلك كل من أهل عنيزة وبريدة الذين كانوا في الكويت مرة أخرى وفعلاً خرجوا معه أواخر عام 1321هـ/ 1904مـ وكانت لهم صلاتهم بأناس من أهل البلدتين داخلهما يعطونهم أنباءً عن الأوضاع في المنطقة ومدى التحصينات الدفاعية الخ. كما أنهم توقعوا أن الناس على استعداد للترحيب بهم إذا قدموا لتخليصهم من حكم ابن رشيد.
ولذلك حينما وصل جيش الملك عبد العزيز بمن معه عنيزة دخل آل سليم ومن معهم أولاً في الليل مع إحدى ثغرات السوروهاجموا الحامية الموجودة في البلد (قصر المجلس) وقتلوا عددا ممن فيها وقتلوا قائد حامية ابن رشيد في عنيزة / فهيد السبهان/ وفي الفجر دخلت تعزيزات بقيادة / عبد الله بن جلوي / أكملت السيطرة على البلد وفتحوا البلد للملك عبد العزيزبحيث استيقظ الناس في الصباح ولا حظوا دخول بقية الجيش. تذكر الروايات أن / صالح اليحي / أمير عنيزة خرج إلى / ماجد بن رشيد/ الذي كان خارج الأسوار مع سرية عسكرية وطلب منه التدخل ولكن ماجد أدرك أن المحاولة عقيمة وأن أهل عنيزة لن يقفوا معه ضد ابن سعود وآل سليم ولو كان ذلك سيحدث لما تركوهم يدخلون في الليل والفجر.
طريقة دخول عنيزة هذه على يد آل سليم عرفت بـ " السطوة " يعني أنهم سطوا على عنيزة بالليل. كان ذلك في ليلة الخامس من محرم 1322هـ/ الثالث والعشرين من مارس 1904م ، وعرفت السنة ذاتها 1322هـ عند الناس بنفس الاسم " سنة السطوة ".
لم يحصل قتال بالمعنى المتعارف عليه ولم يعرف أن أحداً من أهل عنيزة قاوم جيش ابن سعود إلا الحامية العسكرية الرشيدية. كما أن أهل عنيزة على ما يظهر من مجرى الأحداث لم يكونوا مقصودين بالحرب بل كان القصد الهجوم على حامية ابن رشيد وإخراجهم فقط وهذا ما حصل. وبقي الملك عبد العزيز مخيماً بجيشه في " الجهيمية " خارج سور عنيزة لفترة قبل أن يبدأ الاستعداد لحصار بريدة التي تم دخولها بعد شهرين ونصف تقريباً من دخول عنيزة.
وكما أشرت في مواضيع أخرى سابقاً بأن عنيزة وبريدة كانا هما الأساس في أي صراع سياسي وعسكري في القصيم. ولكن مع ذلك بقي الصراع في القصيم بين الأميرين آنذاك السعودي والرشيدي لمدة تقرب من السنتين فكانت معركة " البكيرية" و" الشنانة " ثم معركة " روضة مهنا " في عام 1324هـ / 1906مـ التي حسمت الصراع نهائياً بمقتل/ عبد العزيزبن متعب بن رشيد / ثم خروج بقية الحاميات العسكرية العثمانية المساعدة له نهائياً وبذلك استقرت الأوضاع في القصيم كلها للملك عبدالعزيز.

هذه باختصار قصة " دخول عنيزة " في حكم الملك عبد العزيز، وكان لابد من إشارات موجزة جداً للأوضاع في القصيم وبداية الدولة السعودية الثالثة وذلك نظراً لترابط الأحداث وتسلسلها حتى يمكن فهم الموضوع إجمالاً.